من الذي خطف عقول الشباب؟


بقلم – سالم باجابر

 

‏للأسف بلغ عدد المصابين من الحوادث المرورية الناتجة عن التفحيط وغيرها أكثر من 80,000 مصاب، وتخيل كم عدد الأموات الذين ماتوا بسبب هذه الحوادث عندما يقوم المرور بحملة للتقليل من الحوادث ومحاربة ظاهرة التفحيط يشكر عليها، ‏لأنه المتأمل في نتائجها يرى خسارة كبيرة في أرواح الشباب وصحتهم واستنزاف كبير لأموال الدولة، وفي المقابل نرى خسارة كبيرة في شباب الأمة عندما يموتون في مناطق الصراع أو ‏بما يسمى عند دعاة الفتنة بالجهاد أو غيره نرى حملةً تقام لمنع ذهاب الشباب إلى تلك الأماكن وهذا أمر أيضًا يُشكر عليه.

 

وأيضًا هناك ظاهرة جديرة بالاهتمام وجديرة بالرعاية وجديرة بالإصلاح وهي ظاهرة خطف عقول الشباب ثم ‏خطف الشباب أنفسهم، تلك الظاهرة التي قل الكلام فيها والاهتمام بها إلا ما رحم الله من علمائنا الصادقين ومن المفكرين المصلحين، عندما تجد ذلك الشاب يغار على بلادٍ ليست بلاده ويهتم بعلماء ليسوا على منهجه ويثني على عدوه ‏ويظهر محاسن خصمه؛ ولا تجد في المقابل أي اهتمام أو غيرة على بلده ولا حرص على الاستماع من علماء الأمة، ثم تجده يستر كل جميل في بلدة ويظهر القبيح النادر ويجعله ظاهرة منتشرة فأي وطنٍ يرجو ‏خيرًا من أمثال هؤلاء .

 

إن تلك العقول المخطوفة من الأفكار الخارجية والأحزاب المتطرفة التي جعلت ولاء الشاب لغير دينه وبلده ‏فهو لا يسعى في تطوير بلده وتنميته ونقل صورة حسنة عنه، بل تجده ينشر الدعايات والإعلانات والإيجابيات لتلك البلاد ولو كانت من أكبر أعداء بلده والتماس الأعذار لهم في سلبياتهم وبُعدهم عن دين الله وسنة نبيه ﷺ.

 

 تلك العقول هي التي بحاجة إلى علاج وإلى استرجاع من قبل الجماعات الحزبية المتطرفة ممن نصب العداء لبلاد التوحيد المملكة العربية السعودية وشوه صورتها وصورة حكامها وعلمائها؛ فهم يظهرون كل قبيح ولو بالكذب ويسترون كل جميل فلا تجدهم يبرزون الدور الإيجابي الذي تقوم به حكومة هذه البلاد ولا علمائها في نصرة دين الله، ‏يتغاضون عن ما تقدمه المملكة خدمة للمسلمين سواء في رعاية الحرمين الشريفين وتهيئتهما للحجاج والمعتمرين، ‏وما تقدمه في خدمة القضية الفلسطينية وما تقدمه في خدمة وبناء المراكز الإسلامية في شتى بقاع العالم وما تقدمه نصرة للقلويات الإسلامية في كل مكان ومواجهة الدول العظمى في مجالس الأمم المتحدة دفاعًا عن الإسلام.

 

كل هذا وغيره لا تجد لها والله ذكرًا في مجالسنا ولا في خواطرنا؛ بل أصبح من يتكلم بهذه الإنجازات وكأنه ‏عميل للدولة أو مداهن لها، بل جعلوا الولاء لهذه الدولة جريمة تعاقب عليها ‏أشد من ‏المحرمات المرتكبة وعندما تتكلم في السلبيات ولو كانت غير صحيحة وعندما تتكلم في المشاكل التي لا يخلو منها بلد ولا يخلو منها فرد تصبح ذلك الرجل القوي الذي لا يهاب أحدًا إلا الله وكأن الكلام في الباطل وإظهار السلبيات أمر يُحمدُ عليه المرء العاقل بل هو مما يذهب من كرامة المرء وصدق حديثه، وجدير بالذكر أن  إظهار الإيجابيات التي تغافل عنها الكثير من الناس؛ ‏تدفع الإنسان إلى أن يكون أولا إيجابيًا، وثانيًا يكون مصدرًا إيجابيًا لمن حوله، والثالث يكون حسن التفاؤل ولا يكون متشائم وهذه من أعظم الميزات التي يحبها الناس عندما تكون إيجابيًا وتنشر الإيجابية وتكون متفائلا .

 

‏كم نحن بحاجة لوقفه كبيرة وصادقة تقوم عليها جهات كبرى مثل وزارة التعليم ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ووزارة العمل وغيرها من الهيئات والمنظمات للحد من هذه الظاهرة؛ وهي خطف عقول الشباب وإيقافها عن أن تتكلم بلسان أعدائها وتصبح لسانًا صادقًا ‏لدينها ووطنها ‏وذلك بحمايتها من الأعداء، سواء ظهر ذلك بمظهر المتدين أو بمظهر الداعية أو بمظهر المفكر والمربي‏، وجعل من الأولويات في العلاج ربط الشباب بالعلماء الصادقين ومفكريها الناصحين وبولاة أمرها المصلحين ‏وجعل جل همهم خدمة دينهم ووطنهم وأنفسهم قبل كل شيء وكيف يكون لبنة بناء لا معول هدم لأمته، وكيف يبرز منظر المتدين الصادق والمواطن الصالح أمام الناس الذي ينقل تلك الصورة الحسنة لدينه ثم وطنه وأسرته؛ والكلام هذا ينطبق على شباب أمتنا الاسلامية أجمع وليس خاص بشباب بلاد الحرمين فقط.

 

اللهم احفظ شبابنا وأصلحهم واهدهم واهدي بهم ووفق علماءنا وولاة أمرنا لما فيه الخير للبلاد والعباد.

اقرأ المزيد

كلمة الملك "سلمان" بين "الرحمة" و"الشفافية"

الكلمة التي ألقاها سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح والإمام العادل سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله

ثورة الجرابيع.. مؤامرة التفكيك من الداخل!

لم تعد الحرب في الوقت الراهن حرب تقليدية واضحة المعالم والأدوات كما كانت من قبل

"إرهاب الأحباب".. نشأت في تركيا وترعرعت بالهند ومولتها بريطانيا

تبذل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة في المملكة العربية السعودية بقيادة معالي الوزير الشيخ الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، جهودًا كبيرة لنشر العقيدة الصحيحة والمنهج السلفي الأصيل

كورونا بين الابتلاء والعقوبة مع الصبر واتخاذ أسباب العافية

الحمد للهِ العظيمِ القادر، الفعَّالِ لِمَا يُريد، الذي خلَق فقدَّر، ودبَّرَ فيسَّر، فكُلُّ عبدٍ إلى ما قَدَّرَه عليه وقضَاه صائر، لا يُسألُ عمَّا يَفعل وهُم يُسئَلون، وأشهد أنْ لا إله إلا الل

حفيد المجدد

الحمدلله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...

الأبعاد الفكرية للحركة المثلية ومستقبل المجتمعات

قبل أن نتعرف على الأبعاد الفكرية لهذه الحركة التي تنشط مؤخرًا بشكل ملفت عالميًا على جميع الأصعدة سياسيًا وإعلاميًا وسينمائيًا

تعليقات


آخر الأخبار