الإسلام الليبرالي.. حزب العدالة والتنمية التركي بقيادة "أردوغان" نموذجًا
عندما صعد حزب العدالة والتنمية التركي لتولي الوزارة بقيادة رجب طيب أردوغان من خلال الانتخابات ظهر الزعيم التاريخي لحزب الرفاة ورئيس تركيا السابق نجم الدين أربكان في أحد حلقات برنامج "بلا حدود" الذي تذيعه قناة الجزيرة القطرية ليقول إن قيادات الحزب مجموعة من العملاء صعدوا إلى الحكم من خلال مساعدة أجهزة أجنبية نافذة في الدولة؛ وأنهم يعملون لتطويع الإسلام في خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة، مشيرًا إلى أن تقديمهم تنازلات إلى العلمانية القائمة في الدولة يفقدهم الصفة الإسلامية.
ولكن ما نساه الزعيم الكبير أنه هو نفسه من أدخل الإسلاميين هذه اللعبة بتقديم التنازلات الحاسمة للعلمانية؛ وذلك بزيارته إلى قبر صنم العلمانية الأكبر كمال أتاتورك وإعلانه أمامه التزامه بالدستور العلماني في الحكم واقتصار جهوده على ممارسات سياسية واقعية في ظل مرجعية علمانية قائمة.
وإذا كان هو قد فعل ذلك فعليه ألا يندهش أن يأتي تلامذته إلى الحكم بالتحالف مع السياسة الأمريكية بل والتحالف مع عاهرات تركيا (وهو الأمر الذي حدث بالفعل)، وإذا كان "أربكان" أعلن التزامه بالدستور العلماني أمام الصنم الأتاتوركي فإن تلامذته من قيادات العدالة والتنمية يستاءون الآن من إطلاق صفة الإسلامية عليهم ويعلنون أنهم علمانيون.
فالذي يحدث الآن أن التنازلات التي قدمها إلى العلمانية بعض من يزعمون أنهم زعماء الإسلاميين من باب المراوغة – بحسب زعمهم – يقدمونها الآن وأكثر منها بعض تلاميذهم من باب الاقتناع وليس المراوغة كـ"أردوغان".
القاعدة التي يجب أن يعلمها الجميع أنه ما إن يتم البدأ في التنازل عن بعض الإسلام حتى ينتهي إلى التنازل عن الإسلام كاملًا ولأن الإسلام لا يتجزأ فإن التنازل عن بعضه يعني التنازل عن كله من الأساس، حدث ذلك في تركيا ومصر إبان حكم الرئيس الإخواني محمد مرسي ويحدث مثله في تونس وأماكن أخرى.
ولكن الأهم من ذلك هو ترويج هذا النموذج التركي نفسه على أنه النموذج الإسلامي الليبرالي المعتدل الذي ينبغي الاقتداء به في كل دول العالم الإسلامي إلى درجة أن كبار القادة الأمريكيين مثل الرئيس بوش، وكولن باول وكودليزا رايس أعلنوا مرارًا أن الموذج التركي هو هو النموذج الذي ينبغي أن تسوده في المنطقة.
بل إن اليمين المحافظ الصهيوني المعروف بعدائه وتعصبه الشديد للعالم الإسلامي ولفوفيتز أعلن أن الأتراك يقاتلون من أجل مجتمع حر وديمقراطي ومتسامح يمكن أن يصبح نموذجًا مفيدًا لدول أخرى في العالم الإسلامي.
بل إن مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يقوم في الأساس على الارتكاز الفكري إلى واشنطن يقوم أصلًا على احتذاء هذا النموذج ونشرت صحيفة (يني شفق) التركية – معناها الفجر – في أواخر شهر يناير من العام 2004، أن الرئيس الأمريكي بوش قد عرض على جرب أردوغان معالم هذا المشروع الذي يمتد من المغرب حتى أندونسيا مرورًا بجنوب آسيا وآسيا الوسطى والقوقاز، وقد ابتدأ العرض بأن اقترح على تركيا أن تتولى الترويج لنموذجها الديمقراطي واعتدالها الديني!.
والمقصود انبطاحها لأمريكا وأخوّتها لصالح الكيان الصهيوني لدرجة أن الرئيس الأمريكي اقترح أن تبادر تركيا إلى إرسال وعاظ وأئمة إلى مختلف أنحاء العالم الإسلامي ليتولوا التبشير!، بنموذج الاعتدال التركي المطبق في إسطنبول!.
هذه الاخبار ذكرها المحرر الرئيسي لصحيفة (يني شفق) التركية والذي كان ضمن الوفد الصحفي المرافق لـ "خليفة الإخوان" التركي رجب طيب أردوغان.
وأهم ما يجب الإشارة إليه هنا أن الحكومة التركية قامت بأهم الخطوات في هذا الاتجاه وهو القيام بدور الوساطة بين الدول الإسلامية وإقامة العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني، ومع ذلك فقد دافع القيادي الإخواني المصري عصام العريان عن هذه الحكومة مبررًا تصرفاتها العميلة لأمريكا والصهاينة، قائلًا بأن ذلك ما تم ميراثه عن الحكومات السابقة؛ وعلى الفرض المستحيل بأن هذا صحيحًا وليس أمامهم سوى الاستمرار في هذا الدور، فلماذا جاؤا إذن إلى الحكم باسم "الإسلام" أمام الجماهير!.
اقرأ المزيد
ألقى الشيخ إبراهيم المحيميد، العالم السعودي البارز، الضوء على مسؤولية العالم وطالب العلم في وقت الفتن وشيوع شبه الخوارج
استعدادات مكثفة واجتماعات دورية تجريها وزارة الشؤون الإسلامية في السعودية بقيادة الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل
نشر عناصر في جماعة الإخوان، تسجيلاً صوتيًا منسوب لـ"أمير بسام" عضو مجلس شوري جماعة الإخوان الموجود حاليا في تركيا
ينتهج تنظيم الإخوان الإرهابي استراتيجية قائمة في المقام الأول على المراوغة والبراجماتية؛ فحيثما توجد مصلحة الجماعة
تنشر بوابة "مرصد اليوم" الإلكترونية صورًا لما افتعله أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي من أحداث دامية
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له