التنوير لعلهم يفقهون


بقلم - حمد بن دلموج السويدي

 

 لعلكم تلحظون مؤخرًا كثرة تداول مصطلح (التنوير) من البعض حتى إنه ليخيل إليك أننا نعيش في ظلام دامس طيلة السنوات الماضية!!


وأن المنادين بالتنوير هم من سينقذون الأمة من هذا الظلام!!؛ والواقع يشهد أن أغلب المنادين به هم من يعيشون في الظلمات قابعين فيها لا يبغون عنها حولا.. الأمر الذي حملهم للسعي جاهدين ليصدّروا تلك الظلمات للناس على أنها النور!!

 

نعم هذه هي الحقيقة لو كانوا يعلمون.. ﴿أَوَمَن كانَ مَيتًا فَأَحيَيناهُ وَجَعَلنا لَهُ نورًا يَمشي بِهِ فِي النّاسِ كَمَن مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيسَ بِخارِجٍ مِنها..﴾ [الأنعام: ١٢٢]

ليست المشكلة في كلمة (تنوير)، فالكل يحب النور ويحب أن يتنور بالعلم من ظلمات الجهل؛ و‏لكن المشكلة في إدراك ما هو المراد بالتنوير؛ كمصطلح متداول اليوم في وسائل الإعلام المرئي والمقروء ووسائل التواصل الاجتماعي أهو مكافحة الجهل بالعلم أم غيره؟!

إن الناظر في أدبيات القوم وما ينشرونه في برامجهم وما يسطرونه في مقالاتهم وحساباتها على وسائل التواصل يدرك تمامًا بما لا شك فيه أنهم لا يريدون مدلول كلمة التنوير من الناحية اللغوية؛ وإنما مقصودهم هو الانحلال والتفلت من القيود الشرعية! والتمرد عليها! وإلغاء الثوابت الدينية! ناهيك عن ضرب القيم المجتمعية والتنكّر للعادات والتقاليد المرعية ومحاولة إحلال قيم وعادات مستوردة مكانها!

 

نعم هذه هي الحقيقة لعلكم تعقلون..

 

فمحاولة القوم ستر باطلهم بالتخفي وراء المدلول اللغوي لكلمة التنوير صار مكشوفًا للعيان! فمتى يعقلون؟!

 

ومن يزعم أنه لا يريد بكلمة التنوير إلا المعنى الذي لا يخالف الشرع فأقول: إن الله عزَّ وجل قد نهى المؤمنين عن قول: ﴿راعِنا﴾ وهي من الكلمات المتداولة عندهم ولكن لما كان اليهود يستخدمونها للطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاهم الله عنها بقوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَقولوا راعِنا وَقولُوا انظُرنا وَاسمَعوا وَلِلكافِرينَ عَذابٌ أَليمٌ﴾ [البقرة: ١٠٤] فكيف بالمصطلحات التي هي من نسج الحانقين على الدين أصلا؟!

 

والمشابهة في الظاهر تدعو إلى المشابهة في الباطن وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم" [صحيح الجامع 6149]، ومن نعمة الله على العبد أن يوفقه للثبات على السنة والاستضاءة بنورها في الوقت الذي انخرط فيه بعض من تصدر لدعوة الناس في سلك من يسمون أنفسهم بالتنويريين!

فلم يسعهم الاستضاءة بنور السنة لجهلهم بها أو لغلبة الهوى عليهم فعمدوا إلى ظلام التنوير لعلهم يلتمسون منه النور!

 

ولكن هيهات هيهات..

 

﴿وَمَن لَم يَجعَلِ اللَّهُ لَهُ نورًا فَما لَهُ مِن نورٍ﴾ [النور: ٤٠]

اقرأ المزيد

الاعتصام بالله وبذل الأسباب.. أسس شرعية وأصول مرعية لمواجهة "كورونا"

يتردَّد كثيرًا في مجالس النّاس هذه الأيام حديثٌ عن مرض يتخوَّفون منه ويخشون من انتشاره والإصابة به ، بين حديث رجلٍ مُتَنَدِّرٍ مازح، أو رجلٍ مبيِّنٍ ناصح،

الإجراءات السعودية الاحترازية.. وقائية حكيمة واستباقية مسددة

فإن صدور القرارات المتتالية والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها المملكة العربية السعودية في تصدي مرض كورونا

الأبعاد الفكرية للحركة المثلية ومستقبل المجتمعات

قبل أن نتعرف على الأبعاد الفكرية لهذه الحركة التي تنشط مؤخرًا بشكل ملفت عالميًا على جميع الأصعدة سياسيًا وإعلاميًا وسينمائيًا

"آل الشيخ" جهوده إلى الشيشان.. والإعلام الساقط إلى الخسران

الأمة الإسلامية شرفها الله بأعظم رسالة، ورسالتها قائمة على العبادة، وأشرف أماكن العبادة المساجد

كورونا بين الابتلاء والعقوبة مع الصبر واتخاذ أسباب العافية

الحمد للهِ العظيمِ القادر، الفعَّالِ لِمَا يُريد، الذي خلَق فقدَّر، ودبَّرَ فيسَّر، فكُلُّ عبدٍ إلى ما قَدَّرَه عليه وقضَاه صائر، لا يُسألُ عمَّا يَفعل وهُم يُسئَلون، وأشهد أنْ لا إله إلا الل

حفيد المجدد

الحمدلله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...

تعليقات


آخر الأخبار